الصلاة ...الصلاة ... وما ملكت ايمانكم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد:
فالصلاة شأنها عظيم وأمرها جسيم ، فهي الركن الثاني من أركان الإسلام ، وعمود الإسلام ، وهي العهد الذين بين أهل الإسلام وأهل الشرك والكفران .
وهي الفاصل والفيصل بين الرجل وبين الشرك والكفر ، وهي أول ما يحاسب به العبد ؛ فإن صلحت صلح سائر العمل ، وإن فسدت فسد سائر العمل .
وقد توعد الله تاركيها بالعذاب والنكال .
قال تعالى: {كل امرئ بما كسب رهين*إلا أصحاب اليمين* في جنات يتساءلون*عن المجرمين*ما سلككم في سقر*قالوا لم نك من المصلين* ولم نك نطعم المسكين*وكنا نخوض مع الخائضين* وكنا نكذب بيوم الدين*حتى أتانا اليقين* فما تنفهم شفاعة الشافعين}.
وتوعد الله الساهين عن الصلاة المؤخرين لها فقال: {فويل للمصلين* الذين هم عن صلاتهم ساهون}.
قال سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- : هم الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها.
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)).
وقال -صلى الله عليه وسلم- : ((بين الرجل وبين الشرك والكفر : ترك الصلاة)).
وقال -صلى الله عليه وسلم- : ((ولا خير في دين لا ركوع فيه)) وهو حديث صحيح على الصحيح.
وقال ابن مسعود -رضي الله عنه- : من لم يصل فلا دين له .
وقال عمر -رضي الله عنه- : لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة .
وغير ذلك من الآيات والأحاديث والآثار في التحذير من ترك الصلاة والترهيب من التقصير فيها .
فمت أخر الصلاة عن وقتها فهو معرض للعذاب والنكال وتوعده الله بالويل والهلاك .
بل تأخير الصلاة عن وقتها هو صفة صلاة أهل النفاق .
وذهب جماعة من السلف إلى أن من أخر صلاة واحدة عن وقتها حتى يخرج عامداً فهو كافر مرتد خارج من ملة الإسلام .
وكفى بهذا الخلاف بياناً لشناعة من أخر صلاة عن وقتها .
بل قال الإمام الفقيه المحدث الحافظ عالم خراسان وإمامها إسحاق بن راهويه -رحمه الله- : [صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تارك الصلاة كافر ، وكذلك كان رأي أهل العلم من لدن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تارك الصلاة عمداً من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر] . سمعه منه الإمام محمد بن نصر المروزي ونقله عنه في كتابه العظيم " تعظيم قدر الصلاة ".
ووما ورد فيمن فرط في صلاة واحدة فأداها بغير وضوء حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((أمر بعبد من عباد الله أن يضرب في قبره مائة جلدة ، فلم يزل يسأل ويدعوه حتى صارت واحدة ، فجلد جلدة واحدة ، فامتلأ قبره عليه ناراً ، فلما ارتفع عنه أفاق ، فقال: علام جلدتمونى؟ قالوا: إنك صليت صلاة بغير طهور ، ومررت على مظلوم فلم تنصره))
وهو حديث رواه الطحاوي في كتابه النافع " شرح مشكل الآثار " مصححاً له ، واعتمده ابن عبد البر ، وابن القيم ، وصححه الشيخ الألباني -رحمه الله- . وضعفه من لا علم عنده من صغار الطلبة في هذا الزمان .
وجاء في الصحيحين من حديث سمرة رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((...وإنا أتينا على رجل مضطجع وإذا آخر قائم عليه بصخرة وإذا هو يهوي بالصخرة رأسه فيتدهده الحجر فيأخذه ، فلا يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان ، ثم يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل المرة الأولى ، قال: قلت لهما: سبحان الله! ما هذا ؟ قالا لي: انطلق انطلق )) وفيه: ((أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة)) .
## وأما الذي لا يصلي الجمعة في المسجد وإنما يصليها في بيته ظهراً فهو على خطر عظيم وقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- الوعيد الشديد لمن ترك صلاة الجمعة .
روى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة -رضي الله عنهما- أنهما سمعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول- على أعواد منبره- : ((لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات ، أو ليختمن الله على قلوبهم ، ثم ليكونن من الغافلين)) .
عن أبي الجعد الضمري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من ترك الجمعة ثلاث مرات تهاوناً بها طبع الله على قلبه)) وفي لفظ: ((من ترك الجمعة ثلاثاً من غير عذر فهو منافق)).
رواه أحمد وأصحاب السنن والبزار وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما ،والحاكم وصححه وكذا الشيخ الألباني صححه.
## وأما من يقصر في الصلاة فهذا يكون حكمه وعقابه حسب تقصيره .
فإن كان تقصيره بترك بعض الفروض أو تأخيرها عو وقتها فقد سبق الحديث عنه وبيان الوعيد الشديد في ذلك.
وأما من قصر في الصلاة بترك بعض واجباتها ، وبالتفريط في أدائها كما أوجب الله فهو على خطر عظيم كما سبق في حديث من جلد في قبره لأنه صلى بغير طهور .
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول
(إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته ، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح ، وإن فسدت فقد خاب وخسر ، فإن انتقص من فريضته شيئاً ؛ قال الرب -عز وجل-: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ فيكمل بها ما انتقص من الفريضة ، ثم يكون سائر عمله على ذلك)) رواه الترمذي وحسنه والحاكم وصححه وهو حديث حسن صحيح.
وعن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((خمس صلوات افترضهن الله على عباده ، فمن جاء بهن وقد أكملهن ولم ينتقصهن استخفافاً بحقهن ؛ كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة ، ومن جاء بهن وقد انتقصهن استخفافاً بحقهن لم يكن له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء رحمه)) .
رواه مالك في الموطأ وعبد الرزاق في مصنفه والحميدي في مسنده وابن أبي شيبة في المصنف والدارمي في سننه وأحمد في مسنده وأبو داود والنسائي وابن ماجه والطحاوي فس شرح مشكل الآثار وابن حبان في صحيحه وغيرهم ، وقال ابن عبد البر: هو حديث صحيح ثابت.
وفي رواية لابي داود وغيره عن عبادة -رضي الله عنه- سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((خمس صلوات افترضهن الله من أحسن وضوءهن وصلاهن لوقتهن وأتم ركوعهن وسجودهن وخشوعهن كان له على الله عهد أن يغفر له ، ومن لم يفعل فليس على الله عهد إن شاء غفر له وإن شاء عذبه)) .
فمن قصر في أداء بعض الصلوات ، وفي واجباتها ولم يؤدها كما أمر الله فهو معرض للعذاب والنكال ، وهو تحت مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له .
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
بقلم الشيخ أبو عمر اسامة العتيبي حفظه الله
المصدر : موقع العصر
http://www.alaser.net/arabic/feqh/vi...icle.asp?ID=95اللهم إنا نسألك الهداية والرحمة والمغفرة
الله يثبتنا ويثبتكم أجمعين